مسخ الهوية

مسخ الهوية

  • مسخ الهوية

اخرى قبل 5 سنة

مسخ الهوية

بقلم د.سالم (فلسطين)

مما لاشك فيه ان جذور السياسه الصهيونية نظريا وعمليا قد كانت سياسة إحلاليه اي بمعنى ان يحل اليهود الغزاة لفلسطين محل سكانها العرب الاصليين وبالتالي تم اقتلاعهم من ارضهم والإستيلاء عليها وثم تهجيرهم الى دول الجوار ..وترتب على ذلك ممارسة سياسة التهويد لأسماء المدن والقرى وتزييف حقائق التاريخ ولي اعناقها لتدخل في ترسيخ احقية وجودهم في فلسطين وبانهم هم اصحاب الارض الحقيقيين منذ 3000 سنه وان عرب فلسطين الحاليين ما هم الا غزاة!.انها سياسة حق القوة التي تريد ان تلغي قوة الحق .وبدأ الغزوا البشري لليهود بعدة الاف منهم في نهاية العشرينات من القرن الماضي حتى اصبح الآن عدة ملايين تماما كتكاثر الخلايا السرطانية في الجسم .وترافق هذا الغزوا مع ارتكاب عشرات المذابح بحق الرجال والنساء والاطفال وكبار السن وبلا هواده .فصمد قسم من شعبنا في ارضه وابى النزوح وهؤلاء ما يطلق عليهم عرب 48.حيث منح هؤلاء الجنسية الاسرائيليه وسمح لهم بتشكيل احزاب عربية والمشاركه في البرلمان الصهيوني (الكنيست )ويتم معاملتهم كأقلية في الكيان الصهيوني بسياسة العصا والجزرةعلى أمل ان يندمجوا في المجتمع الصهيوني وينسوا هم واحفادهم هويتهم العربية مستقبلا اي مسخ هويتهم الاصلية .كما ان فئة ضاله منهم قد وافقت منذ منتصف الخمسينات وحتى الان المشاركه في الخدمه العسكريه في صفوف جيش الاحتلال الغاصب (الدروز).اما الذين هاجروا الى دول الجوار (اللاجئين)وبحكم تعسف الانظمه العربيه فقد بداوا يهاجرون الى اوروبا للخلاص من ظلم ذوي القربى .واما من نزحوا من قراهم فقد استقروا في غزه وحملوا وثائق السفر المصريه كوتهم كانوا خاضعين لمصر قبل 67.وفي الضفه الغربيه يتمدد الاستيطان البغيض على قدم وساق وتهويد القدس والخليل بشكل صارخ وشرذمة الارض بعشرات الجزر الاستيطانيه.

اسوق هذه المقدمة المقتضبه عن الواقع الفلسطيني المنكوب واتجه بانظاري نحو الوقائع الموضوعية التي يعاني منها العراق الجريح لاجد ان هناك تشابه بين سياسة التفريس التي يمارسها الصفويين وبين السياسة الصهيونيه الإحلاليه لغرض المقارنه بين النكبتين الفلسطينية والعراقيه دون ان اقلل من شأن احدهما عن الاخرى لاننا في البلاء سواء:

1-اليهودية السياسية في فلسطين تقابل الاسلام السياسي الشيعي في العراق فكلاهما يلبسان الثوب الديني لتحقيق اهدافهما العدوانيه.

2-الغزو البشري اليهودي يقابله غزو بشري ايراني ولكن في الحالة الاولى كانوا عدة الاف ثم توالت سياسة التهجير ليهود اوروبا وبعض اليهود في الاقطار العربيه ليصبحوا عدة ملايين ولكن في الحالة الثانية وصلت الى 3 ملايين ايراني تم تجنيسهم بالجنسية العراقية .ويتزايد هذا العدد مع الايام (وهنا نتذكر لماذا طرد العراق في بداية الثمانينات العراقيين من اصول فارسية (كانوا عدة الاف )بعد ان تبين انهم الحاضنة الشرعية التي رعت الارهاب الايراني وتفجيراته ومساندتهم لحزب الدعوة العميل والذين ظهروا علانية وبشراسة بعد وصول خميني للسلطة) وهؤلاء المستوطنين ال3 ملايين كم سيصبح عددهم يا ترى بعد عدة سنوات ؟ ومن اجل هؤلاء تمت وتتم سياسة التطهير العرقي ويتم الاستيلاء على الاراضي الشاسعة والعقارات في مختلف انحاء العراق .واصبح قادة ايران يصرحون بكل وقاحة (مثل الصهاينة) بان العراق جزء من امبراطورية فارس .والادهى والأمر ان سياسة التطهير العرقي وسياسة احلال الفرس عوضا العرب قد اتبعتها ايران في سوريه ايضا بحجة الحفاظ على وحدتها . ومع ان مساحة فلسطين وعدد سكانها لا يزيد عن مساحة وعدد سكان اي محافظة عراقية فلك عزيزي القارئ ان تتخيل هول النكبة .ان هذه الكتلة البشريه الايرانية لن تكون الا ذراع ايران العملي في اي مواجهة مقبلة معها .

3- قامت ايران بتغيير كل المناهج الدراسية الثانويه والجامعيه وزرعت الثقافة الايرانية المتسربلة بثوب ديني عوضا عنها مصاحبه ومعززه لشعور العداء للعرب والعروبة فصعدت حملات تعلم اللغة الفارسية وارسلت الاف الطلبة الى جامعاتها ومعاهدها لغسل عقولهم بطريقة مهنية وهذا يقابله غسيل المخ الصهيوني لابناء فلسطين في الجامعات الصهيونية .ومن خلال تواصلي مع بعض زملائي وطلبتي السابقين في العراق لمست مدى تمجيدهم للحضارة الفارسية ومدى احتقارهم لحضارة العرب (البدو الرعاع ).وما كل هذه الإجراءات الممنهجه والمبرمجة إلا لخلق جيل جديد مشبع بالثقافة الفارسية المعادية للعروبة ودفن الجيل القديم الذي تربى في عهد الحكم الوطني على حب الامة والتضحية من اجلها .

4- وكما كان في فلسطين فئه ضالة (الدروز )هناك فئات ضالة في العراق سبق وان قاتلوا اهلهم حين جندوا في الجيش الايراني لمدة ثماني سنوات وهناك فئه تعترف علنا بزرع العبوات والسيارات الملغومة في الاحياء العراقية (السنيه والشيعيه على حد سوا )وبتكليف من المخابرات الايرانية .اما عن عمائم اللصوص فالحديث يطول وهذا لايشمل فقط عمار الحكيم وامثاله فقط وانما كل اتباع الاسلام السياسي السني مثل الجبوري وامثاله حيث كشفت فضائح ويكيليكس فيما يعرف بوثائق بنما ثروة اياد علاوي وعشرات القادة الاكراد في الجزر البريطانية وبنوك سويسرا (اي فئة اللصوص المحترفين ) وهناك فئة الإغتيالات بالكاتم ولا تتناول كل صوت معارض (اديب او فنان كما حدث مؤخرا للشهيد الدكتور علاء مشذوب وقبله كثيرون ) فقط وانما ايضا كل عقل علمي وكفؤ حيث يخير بين الخدمة في المنشآت النووية الايرانية او منشآتها او يقتل .وفئة مرتبطه بالمخابرات الامريكية واخرى مرتبطة بالموساد الإسرائيلي وكل منها ينفذ الاجندة الموكلة اليه .

5- واذا قارنا عدد المذابح الصهيونيه وحجمها وعدد الذين استشهدوا فيها فانها تعتبر ضئيله مقابل حجم التدمير لمدن عراقية بكاملها ابيدت عن بكرة ابيها حيث تشير الارقام الموثقه الى 2.5 مليون قتيل و8 مليون مشرد ونازح داخل العراق وخارجه و250 الف مفقود و100 الف معتقل و17000 جريمة اغتيال فمنذ عام 2003 وحتى الان..يا لهول النكبة .والمقارنة هذه لا تعني تقليل الأذى الصهيوني ولا تهويل الأذى الامريكي الايراني وانما غايته ان نبين عمق النكبة واتساعها في الساحة العراقية لكل ذي بصر وبصيرة في امتنا العربية لا اكثر ولا اقل . وهنا تذكرت العجوز القادم من فلسطين المحتله حين زارني وسألته عن اوضاعهم قال لي بالحرف الواحد :ان ما يشغلنا في فلسطين هو العراق فاذا تعافى العراق ممكن ان يشكل العراق المتحرر رافعه لكل العرب الا تلاحظ انه عندما تهاوت هذه الرافعه تهاوى معها كل العرب واصبح الضعفاء يتسابقون في الركوع لنتنياهو .فنحن في فلسطين قد كتب علينا ان نقاتل اسرائيل ومعها امريكا. والعلاقة بينهما عضوية يصعب فك عراها بحكم سيطرة المسيحية الصهيونية على القرارات االامريكية المتلاحقة والداعمة له بينما العلاقه الامريكيه الايرانية هي علاقة صراع على النفوذ فهناك امل بان تتزعزع هذه العلاقة .فلا تشغل بالك يا سالم بفلسطين كثيرا فشعبنا هناك يقاتل الدنيا لوحده حتى يفرجها الله على العرب وعندما تفرج فان فلسطين ستتحرر حتما .فهل كانت فيتنام قادرة على هزيمة امريكا لولا دعم الصين والروس ؟

خلاصة القول : لا اريد ان اقول عن ايران انها اسرائيل جديده لأن هذا القول قد يثير الالتباس عند الكثيرين المضللين واصحاب العقول السطحية الذين لا زالوا مضللين يشعارات الممانعه الزائفه ولنسمي الأسماء بمسمياتها الموضوعية وبالشواهد والارقام لنفضح التشابه الى حد التطابق بين نتائج السياسه الصهيونيه ونتائج التفريس الصفوي في كثير من الامور بينهما دون ان يزوغ بصرنا ان فلسطين تبقى القضية المركزيه للامه العربية فالصهيونيه تبقى هي راس الافعى التي تقف وراء نكبات الامه السابقه واللاحقه.وصراعنا معها صراع وجودلا صراع حدود. ولا يعني هذا ان نكبة العراق هي قضية ثانويه ابدا ولكن لكل نكبة خصوصيتها ولا يمكن الفصل بين النكبتين فالعلاقة بينهما جدليه كعلاقة السبب بالنتيجه.فالعراق بحكم اتساعه الجغرافي والسكاني وعمقه الحضاري قادر بعون الله ان يسحق المحتل الايراني كما سحقه عام 88 وبامكانياته الذاتيه لوحدها نعم بامكانياته الذاتيه والتاريخ شاهد على ذلك بينما الطرف الفلسطيني قد يستطيع ارهاق العدو الصهيوني وجرحه ولكنه غير قادر لوحده على تحرير فلسطين وهذه حقيقه موضوعيه لا يجوز اغفالها.

لقد قالها العراق وقبل 39 عاما ان هذا الخميني رجل دجال .والمصيبة ان الكثيرين من المغفلين لم يكتشفوا هذا الدجل الا في وقت متأخر . ان هؤلاء الدجالين هم الذين ارهقوا العراق بحرب ضروس استمرت 8 سنوات واضعفوا من امكانياته التي كانت تتنامى لتحرير فلسطين وتحرير العرب وانكشف دجلهم حين ظهر للقاصي والداني مشاركتهم مع امريكا والكيان الصهيوني حين انقضوا عليه كالذئاب الكاسرة وأمعنوا في تدمير العراق ونهب ثرواته وتدمير الانسان العراقي وسلخه عن عروبته . فاللحم العراقي لن يؤكل وسيكون سما زعافا بعون الله وغدا لناظره قريب .

١٤١٤

 

التعليقات على خبر: مسخ الهوية

حمل التطبيق الأن